دعارة فنانات مغربيات بالخليج
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] خلف قرار السلطات البحرينية القاضي بترحيل 500 شابة مغربية، يشتغلن في فنادق العاصمة "المنامة"، بتراخيص مختومة "بصفة فنانات"، مطلع شهر رمضان الجاري، تضاربا في الآراء واختلافا تباينت تداعياته داخل الأوساط المغربية، بين حقوقيين عارضوه ونقابيين أيدوه وقانونيين نددوا به وسياسيين شدوا الحبل من الوسط.
وقد جاء قرار الإدارة السياحية، التابعة لوزارة الثقافة والإعلام البحرينية، بترحيل هؤلاء المغربيات إلى وطنهن بهدف "تنظيف" السوق الفنية المحلية من الدخلاء، ومن الممارسات التي تمس الدين والعادات والتقاليد، خاصة أن عقود عمل "المغربيات" بالبحرين، تتوزع بين صفتي (فنانة مُجالسة للزبائن أو راقصة مُجالسة للزبائن).
وبالرغم من تباعد مساحة الاختلاف بين الفاعلين المغاربة، إلا أنهم تقاطعوا جميعا في تحميل المسؤولية للتراخي المكشوف الذي تتعاطى به أجهزة الدولة المغربية، في الضبط والمراقبة الصارمة للقنوات التي تُمرر عبرها آلاف المغربيات في اتجاهات مختلفة من البلاد العربية، هذا السلوك فسرته تعليقات سياسية مغربية بالقول إن المغرب قد اختار الديبلوماسية الجنسية كوسيلة لضبط علاقاته مع دول الخليج، وإنه يعمل على إرضاء الطرف الآخر من اجل مآرب سياسية على حساب الكرامة المغربية.
استقبلت بعض من مطارات المغرب، منذ مطلع شهر رمضان الجاري، أفواجا مهمة من "الفنانات" المغربيات، الوافدات ضمن 500 فتاة، أصدرت في حقهن الإدارة السياحية، التابعة لوزارة الثقافة والإعلام البحرينية، قرارا بترحيلهن إلى موطنهن الأصلي.
هذا، وأكدت مصادر جد مقربة من "المطار الدولي محمد الخامس" في الدار البيضاء، أن أجندة المطار قد سجلت خلال الأسبوع الأول من الشهر الفضيل ، توافد حوالي 100 مغربية تحمل جواز سفر مختوم بصفة "فنانة"، قادمات من معظم دول الخليج، وفي مقدمتها مملكة البحرين، وأشارت ذات المصادر أن هؤلاء "الفنانات" القادمات تحديدا من "البحرين" قد دخلن التراب الوطني محملات برسائل ترحيل وجهت إليهن من قبل وزارة الثقافة والإعلام البحرينية.
وترجع فصول الترحيل إياه، حسب مصادر جد عليمة إلى أن الإدارة "الشكلية للسياحة"
المُخول لها التسيير السياحي في البحرين، قررت تسريح حوالي 500 فنانة مغربية (راقصات ومغنيات وفنانات)، يشتغلن في ما يفوق 100 فندق مصنف في العاصمة "المنامة"، مع حلول شهر رمضان الجاري، مُعللة ذات التسريح بكونه قرارا انضباطيا اتخذته السلطات البحرينية، يقضي بضرورة ألا يعمل في الملاهي الترفيهية التابعة لفنادق البحرين، سوى فنانين مُؤهلين ومُعتمدين، يحملون بطاقات فنية موثقة من بلدانهم الأصلية، ومن ثم اعتبرت السلطات البحرينية – حسب نفس المصادر – من زاوية نظرها، أن قرار ترحيل الفنانات المغربيات إلى وطنهن يهدف إلى "تنظيف" السوق الفنية المحلية من الدخلاء، ومن الممارسات التي تمس الدين والعادات والتقاليد، خاصة أن عقود عمل "المغربيات" تتوزع بين صفتين، هما "فنانة مُجالسة للزبائن"، أو "راقصة مُجالسة للزبائن".
كما لمحت في ذات السياق أن تعميم فكرة ترحيل الفنانات، وفي مقدمتهن المغربيات، إلى بلدانهن الأصلية جاء تزامنا مع شهر الصيام، مشيرة إلى أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى تأييد مجموعة من الجهات لهذا القرار بدوافع دينية، وأخرى تنظيمية، تتعلق بتقنين هذه المهن الفنية في دول المنطقة.
من جهة أخرى خلف قرار وزارة الثقافة والإعلام البحرينية القاضي بالترحيل وعدم التجديد لهؤلاء الفتيات من دون رجعة، جدلا واسعا وردود فعل متباينة داخل الأوساط المغربية، خاصة بالقطاع الفني وبين ظهراني الطبقة السياسية المغربية، حيث اعتبرته بعض الفعاليات النقابية الفنية قرارا جريئا وموقفا شُجاعا، يستحق التأييد، بل إنها –أي الفعاليات - وجهت الدعوة لباقي الدول العربية للسير على نفس النهج لمكافحة شبكات الدعارة التي اجتاحت العالم العربي مختفية تحت ستائر الفن.
في سياق مُتصل تفيد المعلومات المتوفرة أن نقابة موسيقية مغربية بعينها، ثبت تورطها في منح شهادات غير مستحقة لمجموعة من المغربيات، تمكن بواسطتها من الحصول على تأشيرة المرور إلى العديد من البلاد العربية، بل إنها – أي النقابة المتورطة – قد وجهت شهادات ورسائل كتابية إلى عدة سفارات عربية من أجل تسهيل عمليات الحصول على التأشيرة.
في هذا الصدد ندد "حسن النفالي" نقيب المسرحيين المغاربة، بشكل قوي، باستغلال مافيات تهجير المغربيات لممارسة الدعارة تحت يافطة (الفن)، مؤكدا أن هناك لوبيات تتاجر في أعراض الفتيات سواء داخل المغرب أو في البلدان العربية الأخرى باسم "الفن"، وهذا الفعل – في رأي النفالي - يحمل بين ثناياه إساءة عميقة إلى عموم المغاربة.
في نفس السياق شدد النقيب في تصريحه لـ"المشعل"، على أن المغربيات اللائي طردتهن السلطات البحرينية، لسن بفنانات، بل هن منتحلات للصفة فقط، ملمحا أن هناك شبكات منظمة ولوبيات ضغط قوية تهجر المغربيات بالآلاف في اتجاه البلاد العربية، مُشيرا في ذات الوقت أن الرقم الإجمالي للفنانات الحقيقيات في مجموع تراب المملكة، قد لا يتجاوز 200 فنانة، فأنا للبحرين من 500 فنانة دفعة واحدة؟. مُوضحا في ذات السياق أن أغلب هؤلاء المرحلات من بلاد البحرين يحترفن قسرا وتحت طائل الضغط والتهديد مهنة الدعارة، مضيفا أنه غالبا ما يتم تهجير المغربيات إلى البلدان العربية، عن طريق تأشيرات تحمل صفة (فنانة)، مقابل مبالغ مالية مهمة، وقد ثبت تورط عدة نقابات سواء داخل المغرب أو خارجه في هذا الملف، كونها منحت تراخيص فنية استغلت لممارسة الدعارة.
ويرى النفالي حسب ذات التصريح، أن الحكومة المغربية مطالبة بإصدار تعليمات عن طريق وزارتها في الداخلية إلى جميع الجهات التي تملك أحقية منح شهادة التعريف بالمهنة في إشارة منه لـ (الملحقات الإدارية ـ مراكز الشرطة والدرك الملكي - العمالات..) أن تعتمد في تعريفها لصفة " فنان" على "بطاقة الفنان" المسلمة من مصالح وزارة الثقافة، ومن ثم تتحمل الدولة مسؤوليتها في تبعات منحها لغير المستحقين للصفة، وأن تعمل وزارة الخارجية على فتح حوار مع جميع السفارات، وحثهم على عدم التأشير لغير الحاملين للبطاقة المهنية (بطاقة الفنان). كما يجب على سفرائنا في الدول العربية - يضيف النفالي - أن يقفوا بالمرصاد لمواجهة جميع أشكال التحايلات التي تضع المغربيات في مآزق غير مشرفة تسيء لسمعة المملكة. وعلى الدولة أيضا أن تفتح حوارا مع النقابات والجمعيات الفنية بالمغرب، لتباحث السبل الكفيلة بالحد من تناسل هذه التراخيص غير القانونية، التي تسيء لسمعة البلاد والعباد، وقبل فتح هذا الحوار يجب فتح تحقيق قضائي للوقوف على حقيقة الشهادات التي منحتها بعض النقابات الفنية، لمغربيات لا علاقة لهن بالفن.
في سياق متصل علقت فعاليات سياسية على الحدث إياه، متسائلة من جهتها إزاء الصمت المطبق الذي تعاملت به وسائل الإعلام الرسمية بالمغرب، مع القرار البحريني القاضي بترحيل 500 مواطنة مغربية من ترابه بصفة نهائية، ملمحة في مجرى تعليقها عما إذا كان المغرب قد اختار الديبلوماسية الجنسية كوسيلة لضبط علاقاته خاصة مع دول الخليج، أم هو فقط إرضاء للطرف الآخر مقابل مطامع سياسية على حساب الكرامة المغربية، خاصة بعد رواج أشياء خطيرة من بينها أن "الجلباب المغربي" أصبح ممنوعا ببعض دول الخليج، لأن فيه إيحاء بكون الفتاة التي تلبسه سهلة ومستعدة.
الأكيد حسب ذات الفعاليات، أن الوضع الراهن أصبح بحاجة إلى تدخل فوري ومستعجل من أجل تصحيح صورة المغرب والمغاربة، حتى لا يتم تكريس الصورة النمطية الحالية. خاصة وان الفكرة الشعبية السائدة لدى المغاربة، تعتبر أن الخليج مصدر للمال السريع، فإذا كانت أوربا مصدرا للعمل، فإن الخليج في المتخيل الشعبي هو طريق قصير نحو الثراء، وهي الفكرة التي يزيد من ترسيخها الإقبال المهووس الموجود عند الخليجيين على العاهرات المغربيات.
وجدير بالذكر أن الأمن المغربي قد أوقف بمطار "محمد الخامس الدولي" بالدار البيضاء، في مُستهل شهر يوليوز المنصرم ما يناهز 30 فتاة مغربية، كن متجهات إلى عدة دول خليجية وفي مقدمتها "مملكة البحرين" للاشتغال كفنانات.
وأفادت مصادر جد مقربة أن أمن المطار اشتبه في أمرهن، الشيء الذي دفعه إلى إيقافهن وإحالتهن على التو على ولاية أمن الدار البيضاء. وعزى المصدر ذاته تدخل أمن المطار إلى توصله بمذكرة أمنية، تدعوه إلى تشديد المراقبة على نشاط شبكات متخصصة في تهجير فتيات مغربيات إلى البلدان العربية بالمشرق ودول الخليج، بهدف تسخيرهن في أنشطة الدعارة بواسطة عقود عمل وهمية في قطاعات (الفندقة والخدمات وكمضيفات طائرات)، لكن وبمجرد وصولهن إلى الضفة الأخرى، يتم اقتيادهن إلى أماكن مشبوهة وتجريدهن من جوازات سفرهن وإرغامهن على ممارسة مختلف أنشطة الدعارة.
إحدى المُرحلات إلى المغرب تروي تفاصيل رحلتها المشؤومة إلى بلاد البحرين
لم تكن تعلم الشابة المغربية (وفاء.ص)، أن الشرطة البحرينية ستداهمها على حين غرة داخل أحد فنادق مدينة "المنامة"، وتقوم بتسفيرها إلى موطنها الأصلي "المغرب" بطريقة أقرب إلى الطرد منها إلى الترحيل. حيث لم يَسمح لها البوليس البحريني بجمع أمتعتها حتى، فرجعت بعد رحلة عذاب دامت ثلاث سنوات، لا تلوي على شيء، سوى رزمة من الصور تجسد عند تركيبها على عدسة الذاكرة، مشاهد عصيبة تؤكد بالواضح والمرموز انعدام الحس الإنساني في العديد من النفوس المريضة على امتداد الوطن العربي، وتحمل عناوين بارزة لتفشي مظاهر الفساد في عالمنا العربي على طول الخريطة.
"المشعل" ربطت الاتصال المباشر بـ (وفاء.ص)، ووقفت معها على أهم الدوافع التي كانت وراء رحلتها المشؤومة لمملكة البحرين، وذلك على خلفية ترحيل السلطات البحرينية مؤخرا لـ500 مغربية يشتغلن بعقود عمل تحمل صفة (فنانات).
استهلت (وفاء.ص) سرد تفاصيل قصة رحلتها المشؤومة إلى بلاد البحرين، بوقفة تأمل عميقة، تسللت من خلالها إلى مُنطلق الخيوط الأولى للقاء الذي جمعها بـ (كلثوم.س)، فاسترسلت تحكي، والدموع تغالب عينيها، تروي بالعرض البطيء والتفصيل المُمل كل لحظة عاشتها على امتداد أجندة ثلاث سنوات قضتها هناك، لدرجة يُخيل إليك معها أنها تعيش كل اللحظات دفعة واحدة. تمتمت (وفاء)، وهي تستحضر تفاصيل قصتها، كأنها تلوك الحروف بين شفتيها، وتطحن العبارات على رحى أسنانها بقوة فيما يشبه التوسل، حتى لا نذكر اسمها الحقيقي على صفحات الجريدة، تفاديا – على حد تعبيرها - لتعميق الحسابات العائلية المشحونة، أو الدخول في متاهات هي في غنى عنها. وبعد أخذها مَوثقا منا، أطلقت عنان لسانها للبوح بحقائق غاية في الغرابة.
تناسلت الخيوط الأولى لقصتي، من باب المؤسسة الثانوية (..)، التي كنت أتابع فيها دراستي الثانوية، والمتواجدة بأحد الأحياء الهامشية لمدينة الدار البيضاء. هناك، حيث جمعتني الصدفة بخالة إحدى زميلاتي في الفصل (حنان.إ)، وهي سيدة في الأربعين من عمرها، تدعى (كلثوم)، رشيقة القوام أنيقة الهندام تبدو عليها ملامح الوقار، (تقاوم "وفاء" دموعها وتسترسل في الحكي)، أصبحت هذه السيدة تتردد بين الفينة والأخرى أمام باب الثانوية على متن سيارتها الأنيقة، لتصحب معها ابنة أختها (حنان)، إلى شقتها بأحد الأحياء الراقية بحي (المعاريف)، خاصة بعد وفاة (أم حنان) قبل شهرين..
ما إن وقع بصر (كلثوم) علي، حتى ارتسمت على ثغرها ابتسامة إعجاب كبيرة، بدت أعراضها واضحة من خلال هرولتها نحوي، ثم جذبتني إلى صدرها بقوة تؤكد ارتفاع مستويات الإعجاب في نفسها. تفاعلتُ حينها مع الموقف بشكل عاد جدا كما لو كانت أمي هي من تحضنني. إلا أن الأيام كشفت بعد تواليها، أن حساباتنا كانت مختلفة جدا، لأن الهواجس التي حركت المرأة حينها لم تكن بنفس الحماس والبراءة التي تفاعلتُ بها مع نظراتها وعناقها الحار لي.
أجلستني بالقرب منها على المقعد الأمامي للسيارة، وبين الفينة والأخرى وعلى امتداد مسافة الطريق ظلت (كلثوم)، ترمقني خلسة وتحدق النظر في جميع أطراف جسدي، لدرجة أحسست معها بالخجل من حملقتها الزائدة، واستمر الحال على هذا النحو إلى أن أوصلتني إلى مقر إقامتي بالزقاق الشعبي، الذي لا يبعد كثيرا عن المؤسسة (تشرد وكأنها تجر حبال القصة من جذورها).
تكررت هذه العملية مرات متعددة أدركت حينها أن رشاقة قوامي ومستوى جمالي قد شغلا المرأة كثيرا، لدرجة أنها تجرأت ذات يوم على شراء ملابس عصرية أنيقة جدا، وقدمتها لي كهدية من دون مناسبة. وتوالت بعد ذلك الهدايا موسومة بالاهتمام الزائد، إلى أن طلبت مني ذات مرة الالتحاق بأحد الأندية الرياضية بمنطقة (المعاريف) بالدار البيضاء، لممارسة رياضة (الأيروبيك).
ظل إحساس غريب وشعور غير مستقر ينتابني، تجاه هذه السيدة، خاصة وأنها كانت تصر على مصاحبتي لها إلى عدة فضاءات راقية دونا عن (حنان)، ابنة أختها. إلى أن التحقت بفعل إصرارها القوي بالنادي الرياضي، وبفعل انسجامي الكلي في هذه الرياضة، أخذت أهتم شيئا ما بقوامي وأحرص على رشاقتي (تتنهد)، لم أكن أعلم ساعتها أن السيدة الرشيقة والأنيقة تهندس لإرسالي في مهمة إلى الجحيم. استمر الحال على هذا المنوال ما يقارب السنة، أصبحت خلالها أتطلع إلى مستوى عيش أرقى مما تعيش عليه عائلتي المتكونة من ثلاثة إخوة وأخت وأم وأب مغلوب على أمرهم، يترنحون داخل دائرة الفقر، يواجهون عصب الحياة بطفرة زائدة من الصبر والسلوان.
خلال أحد الأيام انفردت بي (كلثوم) بإحدى زوايا النادي الرياضي، الذي اكتشفت مع مرور الوقت أنه ملك لها، واقترحت التوسط لفائدتي للاستفادة من عقد عمل بإحدى الدول الخليجية، كمربية في إحدى دور الحضانة، مقابل عرض مالي مغري للغاية، وهو العرض الذي طرت به مباشرة إلى علم والدتي التي حذرتني من تسرب الخبر إلى والدي، الذي قد يمنع عني الخروج من المنزل إذا ما علم بالأمر.
هكذا صارت الوساوس تتطاير حول رأسي بسرعة الضوء، حاملة معها موجة من الخوف تقض بها مضجعي، وبعد تفكير طويل وضعتُ أمي أمام الأمر الواقع، وتمكنت بوسائلي الخاصة من إقناعها بالمزايا والامتيازات التي ستنوبها من وراء سفري، خاصة لما تأكدت أن الأمر يتعلق بعقد عمل كـ"مربية في مؤسسة تربوية" بمملكة البحرين، ومن ثم انطلقت عملية التخطيط للطريقة التي يمكن من خلالها إقناع والدي بالأمر. ولما وجدت أمي الطريق مسدودة أمام إقناعه بالحقيقة الكاملة، أوهمته أني مسافرة إلى فرنسا لإتمام دراستي في مجال هندسة المعلوميات، وتمكنت عن طريق "الكذب" من إقناعه على هذا النحو، وكذلك كان.
رتبت (كلثوم) لنا لقاء مع أحد الوسطاء بمملكة البحرين، حضرته صحبة أمي (...)، وتم الاتفاق على أن الراتب الشهري الذي ستتقاضاه (وفاء) جراء عملها بدولة البحرين، يتحدد في 15 ألف درهم مغربية، كما حدد الوسيط عمولته مقابل توقيع ذات العقد في أربعين ألف درهم، مشروطة يتسلمها مباشرة بعد التوقيع، ولترطيب الأجواء صرحت (كلثوم)،أنها ستساهم لأجل (وفاء) بمبلغ قدره عشرة آلاف درهم، في حين تكفلت الأم (..) بتدبير بقية المبلغ ، عن طريق بيع (زينتها الذهبية، واقتراض مبالغ مالية أخرى من أهلها خلسة عن زوجها).
في لقاء ثان جمعني بالوسيط وأمي، في حضور (كلثوم)، تسلم الوسيط مبلغ (40.000 درهم) صحبة الوثائق المطلوبة، وسلمنا مقابل ذلك عقد عمل موقع باسم (رب أسرة)، وليس مدير أو صاحب مؤسسة تربوية حسب الاتفاق، وهو الأمر الذي لم تنتبه له (وفاء)، فأطلقت هذه الأخيرة ساقيها للريح طلبا لتأشيرة البحرين، وهو الأمر الذي لم تجد فيه أية صعوبة، الشيء الذي أخفى كثيرا من الشكوك التي ظلت تراودها، وبدد غيوم كثيرة حامت في سمائها (أجهشت "وفاء" بالبكاء، ثم تناولت جرعة ماء واسترسلت). ركبت الطائرة وفي اعتقادي أني أطير في اتجاه الجنة، أحسست حينها من شدة الفرحة أني أطير بجناحي الطائرة على وجه السرعة في اتجاه "المنامة"، (صمتت هنيهة ثم أجهشت مرة أخرى ببكاء عميق، ثم استرسلت قائلة)، حطت الطائرة رحالها بمملكة البحرين، حيث وجدت في انتظاري رجلا متوسط القامة أسمر البشرة، قوي البنية، يناهز الخمسين من عمره، يدعى (سالم)، وهو نفسه الاسم الموقع على عقد عملي. ما إن وقع بصره علي حتى هرول نحوي، وعن طريق الحدس توصلت أنه من ينتظرني هناك، بحسب تعليمات الوسيط، حيث أخبرني أن مشغلي سيكون في استقبالي بالمطار وأنه سيتعرف علي بناء على الصور الفوتوغرافية التي بحوزته. وقفت فجأة وصرخت (هذاك لحمار)، فانتبهت لنفسها واعتذرت ثم اعتدلت في جلستها مسترسلة، هذا الـ "سالم" ـ وهو في الحقيقة اسم على غير مسمى ـ ما إن أدخلني إلى مقر إقامته بـ "المنامة"، حتى أخذ مني جميع الوثائق التي تخصني وفي مقدمتها جواز السفر، ثم قدم لي طعاما لم أتذوقه نظرا لظروف السفر ثم (تستمر في البكاء) أمرني بنزع ملابسي عن آخرها، لقد تبادر إلى ذهني في الأول أن هذا الأمر يدخل ضمن باب التأكد من كوني لا أحمل سلاحا أبيض أو ما شابه، لكن نبرة الرجل وملامح وجهه أعلنت نوايا أخرى، تختلف جملة وتفصيلا عما راج بذهني، وهكذا شرع (هذا الحيوان) في اغتصابي وافتضاض بكارتي، وكرر فعلته ما يزيد عن ثلاث مرات، وكأنه وحش كاسر تفرد بفريسته، وهكذا دواليك استمر يُعاود الكرة تلو الأخرى على امتداد أسبوع بكامله، لدرجة أصبحت معها كل "أعضائي التناسلية" تؤلمني كثيرا بمجرد احتكاكها بالملابس. بعدها أخذ يستضيف أشخاصا آخرين من جنسيات مختلفة (إماراتيين ـ سعوديين ـ قطريين)، تفضحهم لكنات ألسنتهم المختلفة، ويفرض علي مضاجعتهم في وضعيات مختلفة وبطريقة همجية أتعفف عن الخوض في سيرتها، ثم يتسلم منهم مبالغ مالية مقابل ذلك، مما يعني أنه مارس علي فعل القوادة، فاستمر الحال على هذه الوتيرة لمدة أسبوعين آخرين، عشت خلالهما في حالة اعتقال أخضع أثناءها لتعذيب جنسي مسترسل، وكلما حاولت التمرد على هذا الوضع أعرّض للتعنيف والتهديد بالقتل والإكراه النفسي، ومن هول تعدد أشكال التعذيب التي مورست في حقي، بتُّ أتحين الفرصة المواتية للإفلات من هذا القفص الذي جئت إليه عن طواعية، بل إني قدمت إتاوة (أربعين ألف درهم)، لأجل بلوغه، خاصة وأن جميع الحبال التي تربطني بالعالم الخارجي قد انقطعت.
وبحكم ندرة المأكل و المشرب داخل سجن "سالم"، أخذت حالتي الصحية تتدهور شيئا فشيئا، وهو الأمر الذي أفزع سجاني "سالم"، ودفعه مُجبرا إلى تسليمي لإحدى "القوادات" البحرينيات، هذه الأخيرة أوضحت لي كثيرا من الأمور، وكشفت أمامي سيلا من الأوراق، أي أنها فضلت أن تلعب معي على المكشوف، حيث تعهدت ببعث النقود إلى والدتي التي باعت صيغتها من أجل تهجيري، وذلك مقابل اهتمامي بنفسي واسترجاع همتي ونشاطي، حتى يتسنى لي الحصول على أموال قد تعوضني عن الخسارة التي تكبدتها أمي، وأيضا من أجل توفير ثمن تذكرة طائرة الرجوع إلى الموطن الأصلي.
هكذا وجدتني فجأة وتحت تأثير الظروف القاسية، أحترف مهنة الدعارة (تبكي بقوة وتستطرد موضحة)، لكني كنت مُجبرة على فعل ذلك، (تبكي..مُرددة) أنا لست عاهرة.. أنا مغربية حرة وشريفة...، لكن الظروف هي التي كانت أقسى من أن ترحم ضعفي، (تهدئ من روعها وتستمر..)، مارست الدعارة حسب أجندة هذه المرأة وبرنامجها المتقلب ، فهي ثارة تصحبني معها إلى إحدى الملاهي الليلية كزبونة في بعض الفنادق (..)، وأخرى تستقدم الرجال لمضاجعتي في بيتها. وهكذا دواليك، تعددت المواقع ومعها وجوه الزبائن.
أثناء تواجدي بفندق (ب - ب) بمدينة "المنامة"، تعرفت إلى إحدى الراقصات المغربيات (س.أ)، اللواتي يشتغلن في ملهى ذات الفندق كـ"راقصة مُجالسة للزبائن"، فتبادلنا الأرقام الهاتفية، وبعدها الزيارات فيما بيننا، فلما أخبرتها بقصتي كما أرويها الآن، اقترحت علي التدخل لصالحي للحصول على رخصة (فنانة مجالسة للزبائن)، مقابل مبلغ مالي يوازي ألف وخمسمائة درهم مغربية، وأكدت لي أن ذلك سيمكنني حسب القانون البحريني من الاشتغال في السليم (تضحك ساخرة من نفسها)، وكذلك حَصلتُ على رخصة "فنانة مجالسة للزبناء".
وأذكر أنه ذات مرة، أكدت لي (س.أ) أنها حصلت على "شهادة فنانة" من إحدى النقابات الفنية بالمغرب، مقابل مبلغ مالي قدره ألف دهم، حيث مكنتها ذات الشهادة من إنجاز بطاقة تعريف وطنية وجواز سفر يحملان مهنة (فنانة)، وبناء عليهما حصلت على تأشيرة الالتحاق بدولة البحرين.
(تتنهد) هكذا توالت الأيام تطوي العمر تحت أرجلنا، يتناوب علينا الرجال من كل المذاهب والجنسيات في وضعيات مختلفة، لمدة فاقت سنتين ونصف، إلى أن فوجئنا قبل ستة أشهر مضت بالجرائد البحرينية، تتناول موضوع الصراع القائم بين أرباب الفنادق والمنتزهات السياحية ووزارة الثقافة والإعلام البحرينية، ممثلة في الإدارة "الشكلية" للسياحة "، حول قرار يقضي بترحيل "الفنانات المغربيات" من مملكة البحرين، وأن الوزارة قد صممت العزم على ترحليهن إلى موطنهن الأصلي. وبعد مدة انقطع حبل الأخبار حول هذا الموضوع، إلى أن فوجئت قبل رمضان الجاري بيومين، بالشرطة البحرينية وهي تداهم مقر الفندق (..) واعتقل كل من فيه من المغربيات وتم ترحيلتهن جميعا إلى المغرب. دون أن يسمح ولو لواحدة منهن بجمع أمتعتها حتى، فرجعت أفواج المغربيات اللواتي ناهز عددهن الـ 500 مغربية موزعة على التراب المغربي.
مولاي أحمد العلوي: رئيس النقابة المغربية للمهن الموسيقية
الدولة مطالبة بكشف أوراق المتورطين في تشويه صورة المغرب
أكد مولاي أحمد العلوي رئيس "النقابة المغربية للمهن الموسيقية"، أن قرار وزارة الثقافة والإعلام البحرينية، القاضي بترحيل من وصفن أنفسهن بـ"الفنانات المغربيات"، موقفا شجاعا، مُتمنيا في السياق ذاته أن تواصل سلطات البحرين عمليات طرد الآلاف الأخريات المتبقيات من المغربيات فوق التراب البحريني، وأن تسير على هدي خطاها مجموع الدول العربية التي تتواجد بين ظهرانيها مغربيات من هذا الصنف، لاجتثاثهن بصفة نهائية. مُبديا تأييد نقابته المطلق لذات القرار، مطالبا بالمضي فيه على نطاق أوسع. لأن ما تمارسه المغربيات هناك، من فضائح تمس إلى حد كبير سمعة المملكة المغربية وكرامة الفنان المغربي.
- تم في مستهل شهر رمضان الجاري، ترحيل ما يقارب 500 مواطنة مغربية من مملكة البحرين، يعملن في الفنادق والملاهي والأندية الليلية بصفة (فنانات)، ما هو تعليقكم كنقيب (النقابة المغربية للمهن الموسيقية) على هذا الحدث؟
+ ما جرى ويجري بمملكة البحرين في هذا الجانب، يمس كرامة الإنسان المغربي بالدرجة الأولى، ويضر بصفة مباشرة بسمعة العاملين في القطاع الفني، ونحن كفاعلين وممارسين، في هذا الحقل، كان لنا علم بجانب مهم، مما يقترف من جرائم من طرف المغربيات في الخليج العربي برمته تحت عباءة الفن، وأيضا في الدول العربية على امتداد الشرق الأوسط، ويمكن القول بأن مملكة البحرين تعتبر بمثابة (حانة دول الخليج). وقد سبق وعاينت شخصيا مشاهد مقززة لمغربيات من هذا الصنف في قلب دولة البحرين، وتألمت كثيرا لما يجري هناك.
- هل كانت زيارتكم لمملكة البحرين في إطار العمل الفني أم أنها زيارة عابرة؟
+ في الحقيقة كانت وجهتي إلى دولة الكويت، لحضور فعاليات "عاصمة الثقافة العربية"، واضطررت للمرور عبر البحرين بطلب من السفير المغربي "مولاي إدريس الكتاني"، وخلال تواجدي على امتداد ليلة واحدة بالبحرين. رأيت أشياء يندى لها الجبين، لدرجة أني بكيت من هول ما رأيت وجرني الحس الوطني إلى التفكير في التجرد وقتها من جنسيتي المغربية، وتمنيت لو أني لم أكن مغربيا في تلك اللحظة، علما أني أحب وطني وأعتز بأصولي المغربية، وأغار على كل ما يرتبط ببلدي. لكن المستوى الحقير الذي تتواجد عليه "المغربيات" هناك، كاد أن يفقدني صوابي، فراودني حينها إحساس بالمهانة، حين رأيت بأم عيني جملة من المغربيات يبعن شرفهن في العلن، فتملكني إحساس غريب ليس لأنهن تنتحلن صفة "فنانات" ولكن لأنهن يحملن صفة مغربيات.
- ما هو موقف النقابة المغربية للمهن الموسيقية، من القرار الذي اتخذته مملكة البحرين في حق هؤلاء المغربيات؟
+ أقول، إن قرار مملكة البحرين القاضي بترحيل هؤلاء المغربيات، هو موقف شجاع، وأتمنى أن تعمل سلطات البحرين على طرد الآلاف الأخريات المتبقيات من المغربيات بالتراب البحريني، وأن تسير على نفس الخطى باقي الدول العربية التي تتواجد بين ظهرانيها مغربيات من هذا الصنف، لاجتثاثهن بصفة نهائية. لذلك فموقفنا يؤيد هذا القرار ويطالب بالمضي فيه على نطاق أوسع. لأن ما تمارسه المغربيات هناك من فضائح تمس إلى حد كبير سمعة المملكة المغربية وكرامة الفنان المغربي.
- ما هو موقفكم من الجهات المغربية التي منحت صفة (فنانة) لهؤلاء المغتربات بالدول العربية؟
+ نحن أيضا نطرح السؤال حول الجهة التي منحت صفة (فنانة) لهؤلاء المغربيات لمغادرة الوطن بصفة (فنانات)؟ وندين بشدة حالة الفوضى التي كانت تملأ مساحات مهمة من الجسم الفني بالمغرب، ويمكن القول في الوقت الراهن إن (بطاقة الفنان) التي تسلمها وزارة الثقافة المغربية، ستحد بعض الشيء من التسيب الذي كان حاصلا في هذا المجال، ومع ذلك فإننا متشبثون بالسؤال عن الجهات التي منحت هؤلاء المطرودات من البحرين، وغيرها من الدول العربية صفة (فنانات)؟ علما أننا نعرف أن هناك منظمات نقابية وجمعيات ومجموعات غنائية وبعض الوكالات الأخرى التي تدعي أنها فنية، كانت تشتغل في قلب هذه الفوضى والتسيب وتجني أموالا مهمة من وراء منحها صفة (فنانة) للراغبات في الهجرة إلى دول الخليج.
- هل تتوفرون على إحصائيات دقيقة للمغربيات اللائي يشتغلن باسم فنانات في مجمل الدول العربية؟
+ في سوريا توجد أكثر من 7 آلاف مغربية تشتغل في هذا المجال، تحت غطاء "الفن". وفي الأردن هناك الآلاف يمارسن نفس الأعمال، والبحرين حتما لا تتواجد بها فقط 500 من المغربيات، بل هناك آلاف مؤلفة من المغربيات يعملن في مجالات غير نظيفة ومختلفة باسم "الفن". لذلك فالسؤال ما يزال مرفوعا حول الجهات التي منحت هؤلاء المغربيات صفة (فنانات)؟! لأن الأمر أصبح مرتبطا بتجارة منظمة تحركها مافيات المتاجرة في اللحوم البشرية.
- لماذا لم تطالبوا كنقابة بفتح تحقيق قضائي في الموضوع؟
+ كنقيب، أصرح بأننا تطرقنا لهذا الموضوع مرارا وتكرار، لأنه في الجوهر يسيء إلينا كفنانين وكمغاربة، ومن هذا المنبر الموقر أقول بأن الدولة المغربية تتوفر على جميع الإمكانيات والوسائل للوصول إلى الجهات التي منحت صفة (فنانات) لهؤلاء المغربيات، وقد سبق أن ألقي القبض على البعض من هؤلاء المتاجرين في هذا الباب. لكن تدخل الدولة في هذا الباب لم يكن صارما، علما أن الأمر يتعلق بشرف المغاربة أجمعين، لذلك أقول إنه على الدولة المغربية أن تراجع وثائق جوازات السفر الممنوحة لهؤلاء المغربيات وتضرب بقوة على يد كل المتورطين في عمليات التهجير القذرة، التي أساءت وما تزال للوجه المغربي في الخارج، ومن ثم فإن الدولة المغربية مطالبة بالعمل على كشف أوراق كل الجهات المتورطة في تشويه صورة المغرب في الخارج.
عبد الله مسداد:الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
هؤلاء المغربيات ضحايا نصب واحتيال
يرى عبد الله مسداد القيادي بـ"الجمعية المغربية لحقوق الإنسان"، أن التسريح الجماعي الذي تعرضت له المغربيات المرحلات من البحرين، يعتبر من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، نظرا لارتباطه بسلوكيات حاطة بالكرامة الإنسانية، معتبرا أنهن ضحايا نصب واحتيال زجا بهن في أعمال مشينة تنعدم فيها أبسط شروط الحماية. مشيرا في السياق ذاته أن ما تتعرض له المُهاجرات إلى دول الخليج وخاصة المغربيات منهن، من إكراه تحت طائلة التهديد لكل أنوع الاستغلال وفي مستهلها الجنسي، يستوجب التنديد والفضح. مُلمحا في المنحى ذاته أن الإجراءات الحقوقية الممكن تفعيلها لحماية المغربيات من الانحراف، هو القيام بحملات ضد مافيات تهجير الفتيات، والزج بهن بكل الوسائل في أعمال حاطة بكرامة المرأة.
- ما هي قراءتكم من الناحية الحقوقية لعمليات الترحيل التي تم بموجبها تسريح 500 فنانة مغربية من دولة البحرين؟
+ القراءة التي يمكن أن أعرضها ستتناول مستويين׃ المستوى الأول عام يتعلق بالترحيل الجماعي كيفما كانت الأسباب فهو مرفوض ويعتبر من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، خاصة عندما ترافقه سلوكات حاطة بالكرامة الإنسانية، فمنظومة حقوق الإنسان سواء التي أقرتها الأمم المتحدة والاتفاقيات الصادرة عنها، وكذا الاتفاقيات الإقليمية الأوروبية والأمريكية على الخصوص تجرم التسريحات الجماعية التي نحن بصدد الحديث عنها.
المستوى الثاني خاص ويتعلق بالأسئلة التي يمكن أن يثيرها الترحيل إياه، وعلى وجه التحديد خلفياته. ثم هل تحكمه صلة بخلاف ما أو نزاع بين الدولتين المعنيتين، أم أن له ارتباطا بضغوطات خارجية أو نزاع مسلح، أم أنه يتصل بضغط داخلي، أم تراه نتاج أزمة يعيشها البلد الذي قام بالترحيل؟
كما أود أن أضيف أن أية قراءة كيفما كانت طبيعتها يجب أن تستحضر ما تتعرض له المُهاجرات لدول الخليج وخاصة المغربيات منهن، من إكراه تحت طائلة التهديد، لكل أنوع الاستغلال وفي مستهلها الاستغلال الجنسي، وهذه الممارسات تستوجب التنديد والفضح.
- المغربيات المُرَحلات من مملكة البحرين، كن يشتغلن وفق عقود عمل قانونية، ما هي برأيكم القنوات الحقوقية الوطنية والدولية التي من شأنها التدخل في مثل هده الحالات؟
تجدر الإشارة إلى أن العديد من الفتيات يتم النصب عليهن ليزج بهن في أعمال حاطة بالكرامة الإنسانية.
أولا يجب التأكيد على أن الحماية من الانتهاكات هي مسؤولية الدولة، التي تملك وحدها الوسائل القانونية والمادية لحماية مواطناتها. في مستوى آخر نسجل غياب آليات وطنية أو إقليمية وحتى دولية، وإذا توفرت، فاللجوء إليها تعترضه العديد من الصعوبات، ويتطلب العديد من المساطر. يبقى الرهان أساسا على المجتمع المدني،الذي يمكن أن يضطلع بهذا الدور الحمائي.
- ماهي في نظركم الإجراءات الحقوقية الممكن تفعيلها لحماية المغربيات المغتربات من الانحراف في الخارج؟
+ الإجراءات الحقوقية الممكن تفعيلها لحماية المغربيات من الانحراف، هو القيام بحملات ضد مافيات تهجير الفتيات، والزج بهن بكل الوسائل في أعمال حاطة بكرامة المرأة.
- هل يحق للمنظمات والجمعيات والهيئات الحقوقية بالمغرب، طبقا للمواثيق الدولية، رفع دعوى قضائية ضد مملكة البحرين، خاصة وأن المغربيات المطرودات يشتغلن وفق عقود عمل قانونية؟
+ الإمكانيات المتاحة للمنظمات الحقوقية لمقاضاة دولة البحرين ضعيفة، إن لم نقل منعدمة، فعلى المستوى العربي نسجل غياب آلية في إطار الجامعة العربية تمكن من ذلك على غرار ما هو موجود في الإطار الأوروبي مثلا (المحكمة الأوروبية)، ذلك أن الاتفاقية الأوروبية أقرت هذه الآلية التي يمكن اللجوء إليها، طبعا بعد استنفاد اللجوء إلى الآليات الوطنية. وحيث أن هذا الانتهاك لا يرتبط فقط بالحق في الشغل، بل يتعداه إلى حقوق أخرى (حرية التنقل- الأمان الشخصي- المساواة...) فإن المنظمات الحقوقية لها الإمكانية في اللجوء واستعمال الآليات الدولية التي أقرها المنتظم الدولي، وعلى الخصوص اللجوء إلى المقررين الخاصين بالحقوق موضوع الانتهاك. مع الإشارة إلى أن الآليات الدولية التي قد تكون متاحة، فحتى الدول التي تسمى ديمقراطية غالبا ما تجد الوسيلة للالتفاف على مساءلتها. أما بالنسبة للدول التي تنعدم فيها الديمقراطية، فإنها غالبا لا تعترف ولا تعير وزنا لهذه الآليات. وإن السبيل الوحيد هي الأدوار التي يمكن أن يلعبها المجتمع المدني والحركة الديمقراطية في فرض احترام حقوق المهاجرات في شموليتها.
بن يونس المرزوقي ، محلل سياسي"
السفارات والقنصليات المغربية بالخارج بعيدة عن اهتمام المغاربة المقيمين هناك
يرى المحلل السياسي الأستاذ بن يونس المرزوقي، أن ترحيل السلطات البحرينية لـ 500 فنانة مغربية، يشتغلن في ما يقارب 110 فندقا في مدينة "المنامة"، لا علاقة له بالدين أو بالعادات والتقاليد، معتبرا في السياق ذاته أن الأمر يتعلق بعملية "تنظيف" داخلية من حق السلطات البحرينية القيام بها، مشيرا من جهة أخرى أن المغرب تربطه علاقات مهمة مع البحرين، بل إنه – أي المغرب – قد "غامر" بعلاقاته مع إيران من أجل الاصطفاف إلى جانب البحرين، ولذلك فإن المتتبع للأحداث سيتعجب لهذا الترحيل، وللآثار التي ستترتب عنه.
مشددا في الوقت نفسه على أن حماية المغربيات المغتربات من الانحراف في الخارج، تتداخل فيها عوامل عديدة، أهمها ضرورة حضور الدولة بمختلف مصالحها الأساسية في الخارج. مُلمحا أن السفارات والقنصليات المغربية بالخارج بعيدة عن اهتمام المغاربة المقيمين هناك.
- في تقديركم، لماذا اتخذ قرار ترحيل 500 فنانة مغربية من دولة البحرين، في هذا التوقيت بالذات، وهل له علاقة بالدين والعادات والتقاليد؟
+ لا أعتقد أن للتوقيت الحالي بصدور قرار ترحيل 500 "فنانة" مغربية من دولة البحرين أية علاقة بالدين أو العادات والتقاليد. فتعامل دول الخليج مع المغربيات معروف منذ بداية الحرب الأهلية اللبنانية التي جعلتهم يغيرون أماكن "استجمامهم" فيحولونها إلى المغرب العربي. ولو كان للموضوع علاقة بالناحية الدينية لتم تدقيق الأمور عند محاولة دخول هذا العدد الكبير إلى دولة صغيرة، وبالتالي كان من السهل ضبط هذا العدد والتمييز داخله بما يصلح للعمل وما لا يصلح. ورغم أن تسمية "فنانة" لوحدها تثير العديد من الشكوك في طبيعة العمل الذي كانت تزاوله هؤلاء "الفنانات" والذي لم يكن له بطبيعة الحال أي علاقة بالفن كما هو متعارف عليه (المسرح، الغناء، التشكيل ...). والسؤال الذي يجب طرحه هنا هو هل كان هناك تنسيق مسبق بين المغرب والبحرين عند تسفيرهن من المغرب واستقبالهن في البحرين؟
إن المبرر الرئيسي لترحيل هؤلاء المغربيات حسب الرواية البحرينية الرسمية يعود إلى قرار انضباطي اتخذته وزارة الثقافة والإعلام "بضرورة ألا يعمل في حقل القاعات الترفيهية بفنادق البحرين إلا فنانون مؤهلون ومعتمدون، يحملون بطاقات فنية موثوقة من بلدانهم الأصلية". فهل اكتشف البحرينيون فجأة أن البطاقات الفنية المغربية غير موثوقة أم أن الأمر يتعلق بأسباب أخرى؟.
وزيادة على هذا، فإنه يجب الاعتراف بأن البحرين تشهد حركة اقتصادية ونشاط سياحي مهم جدا يستدعي بالضرورة الاستعانة بغير البحرينيات في العديد من الخدمات المرتبطة بهذا النشاط، فلماذا تم القيام بهذه العملية ضد المغربيات، اللهم إلا إذا كانت السلطات المعنية في البحرين قد وجدت بديلا آخر.
- ما هو تأثير القرار إياه على سمعة المغرب على المستويين العربي والدولي، وكيف يمكن التصدي لمواجهة هذا التأثير؟
+ لا أحد يشك في أن هذا القرار يؤثر بشكل واضح على سمعة المغرب، لأنه ليس بعمل معزول، بل سبق الحديث مرات عديدة عن ظاهرة المغربيات في العديد من دول الخليج الأخرى وبعض الدول الأوروبية المجاورة. ولكن حدة هذا التأثير تزداد بين الدول العربية والإسلامية أكثر منه بالنسبة للدول الأوروبية. فالمغرب يعمل جاهدا على ترسيخ نظامه السياسي كنموذج للانتقال الديمقراطي وسيادة دولة الحق والقانون وتوسيع مجال الحريات العمومية... لذلك فليس من مصلحته أن يتم المس بسمعته من خلال مواضيع خارجة عن سياق هذا التطور السياسي الذي يعرفه.
إن الإطلاع على ما كُتب حول الموضوع في الإنترنيت من مقالات وتعليقات في مختلف منتديات المناقشة، يدل على أن الموضوع أصبح شبه عادي عند الحديث عن المغربيات، وعن الجحيم الذي يعشن فيه في إطار شبكات منظمة تجرهن إلى الدعارة، والبغاء بأساليب عديدة.
ولكن من المهم أن نتساءل هنا عما يمثله هذا العدد بالنسبة لعدد المغربيات المتواجدات هناك. فإذا كان الأمر يتعلق بعدد محصور، فإن هذا الترحيل يجب أن يُفهَم سلبا، وإذا كان هذا العدد ضئيلا بالنسبة لعدد المغربيات هناك فإن الأمر يتعلق بعملية "تنظيف" من حق السلطات البحرينية القيام بها، علما أن نسبة الأجانب من عدد البحرينيين مرتفعة، بل إنها تتعدى النصف.
- ما هي قراءتكم السياسية للقرار المتخذ من قبل الدولة البحرينية في حق المغربيات، علما أنهن يشتغلن وفق عقود عمل قانونية؟
+ أعتقد أن الأمر يتعلق بموضوع مُعقد. فالمغرب تربطه علاقات مهمة مع البحرين، بل إن المغرب "غامر" بعلاقاته مع إيران من أجل الاصطفاف إلى جانب البحرين، ولذلك فإن المتتبع للأحداث سيتعجب لهذا الترحيل، وللآثار التي ستترتب عنه. فالمفروض أن العلاقات يجب أن تتطور نحو الأفضل، وأن تكون علاقات إيجابية، وحتى عند حدوث تجاوزات من طرف ما، فإنه ينبغي معالجتها بشكل هادئ. فمثلا كان من الممكن ترحيل هؤلاء المغربيات على دفعات وفي أوقات متباعدة حتى لا تكون لها الآثار التي تضر بحسن علاقة البلدين.
ومن ناحية أخرى، يجب الإشارة إلى أنه ربما قد تكون هناك عوامل أخرى لها علاقة بالموضوع كوضعية المغربيات في دول الخليج بأكملها وليس في البحرين فقط، وبالتالي فإنه ربما قد تكون لهذا الموضوع أبعاد أخرى.
- هل للوضع الاجتماعي والاقتصادي بالمغرب، علاقة بذهاب الفتيات المغربيات لدول الخليج العربي والسقوط في براثن الدعارة؟
+ لا شك في ذلك. فالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب تدفع كل القادرين على العمل إلى البحث عنه خارج التراب الوطني. فهجرة الدعارة ليست إلا أحد أشكال الهجرة التي تبدأ من هجرة الأدمغة إلى الهجرة السرية، مرورا بكل أشكال الأعمال اللامشروعة كتهريب السلع والمخدرات بمختلف أصنافها. ومن المفروض هنا أن يتوفر المغرب على سياسة تشغيل قادرة على استيعاب جزء هام من المرشحين للهجرة.
- ما هي في نظركم الإجراءات الممكن اتخاذها لحماية المغربيات المغتربات من الانحراف في الخارج؟
+ حماية المغربيات المغتربات من الانحراف تتداخل فيها عوامل عديدة، أهمها ضرورة حضور الدولة بمختلف مصالحها الأساسية في الخارج. فالسفارات والقنصليات المغربية بالخارج بعيدة عن اهتمام المواطنين المغاربة هناك، كما أن الوزارة المكلفة بالجالية المغربية بالخارج، ووزارة التعليم ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية... كلهم مدعوون إلى اعتماد سياسة القرب من المغربيات بالخارج من خلال متابعة أوضاعهن وتوجيههن لما فيه مصلحتهن، والعمل على حل مشاكلهن، بل وضمان عمل مشرف لهن بالمغرب إذا دعت الضرورة إلى إرجاعهن إلى أرض الوطن.
فاطمة الصابري : محامية بهيئة مكناس
النيابة العامة مطالبة بتحريك الدعوى ضد الجهات المتورطة
ترى المحامية "فاطمة الصابري" أن القانون المغربي يختلف عن قانون مملكة البحرين، في تعاطيه مع كل ما من شأنه الإخلال بالأخلاق الحميدة، بل انه يُجرم كل الأفعال التي ترتبط بالتحريض على الدعارة أو المخلة بالآداب العامة. مشيرة أنه، على ضوء عمليات الترحيل التي طالت 500 شابة مغربية من دولة البحرين، يحق للنيابة العامة المغربية في إطار سلطة الملاءمة والتكييف التي منحها المشرع المغربي، ان تتدخل على وجه السرعة لمتابعة الأشخاص أو الجهات التي ساهمت في تهجير هؤلاء المغربيات، وأن تضرب بيد من حديد على أيدي كل المتورطين في هذه العملية التي تسيء لسمعة المغرب.
- ما هو رأي القانون المغربي في عمليات الترحيل التي تم بموجبها طرد 500 فنانة مغربية من دولة البحرين؟
+ للوقوف على رأي قانوني متكامل حول عملية التسريح الجماعية للمغربيات بمملكة البحرين، لابد من الاطلاع على نوعية العقود المبرمة بين الأطراف المعنية. أما بخصوص عقود العمل التي هي بحوزة المغربيات المُرحلات من قبل السلطات البحرينية، والتي تحمل صفة "فنانة مجالسة للزبائن" أو "راقصة مجالسة للزبائن"، فإنه خلافا للقانون البحريني يشترط القانون المغربي الخاص بالالتزامات والعقود ـ الفصل 62 ـ في الالتزام أن يكون مشروعا، ويعتبر بالتالي أي التزام بُني على سبب غير مشروع، باطلا.
ومن ثم فإن العقود التي يشتغل بها هؤلاء المغربيات باطلة، وغير مشروعة. لأنها في الجوهر مخالفة للأخلاق الحميدة.
وانطلاقا من هذه الزاوية فإن القانون الجنائي المغربي يُجرم هذه الأفعال، لأنها تحمل نوايا صريحة للتحريض على الدعارة. لذلك فإن وضعية هؤلاء الفتيات المُرحلات من البحرين، في حكم المشرع المغربي، مخلة للآداب العامة.
- هل يحق للنيابة العامة بالمملكة المغربية، تحريك المسطرة، للتحقيق مع الجهات التي ساهمت في تهجير هؤلاء المغربيات إلى البحرين؟
+ النيابة العامة في إطار سلطة الملاءمة والتكييف التي منحها المشرع المغربي، تملك الحق في التدخل السريع لمتابعة الأشخاص أو الجهات التي ساهمت في تهجير هؤلاء المغربيات، خاصة وأن مدونة الشغل الجديدة تؤكد صراحة ضرورة توقيع جميع الأطراف المعنية على عقود العمل المرتبطة بالخارج (وزارة التشغيل وسفارة الدولة المعنية والمشغل)، وبناء عليه يحق للنيابة العامة أن تتدخل للتأكد من صحة هذا الإجراء من عدمه وأن تضرب بيد من حديد على أيدي كل المتورطين في هذه العملية التي تسيء لسمعة المغرب.
- هل يحق للدولة المغربية حسب القانون الدولي، متابعة دولة البحرين بخصوص هذا الموضوع، سيما وأن المغربيات المطرودات يشتغلن وفق عقود عمل قانونية؟
+ بالنسبة لحق الدولة المغربية في اللجوء للمحاكم الدولية لمقاضاة دولة البحرين بخصوص عمليات الترحيل إياها، فإنه يرتبط في عمقه بنوعية الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين. إضافة إلى أن الدولة المغربية في شخص وزيرها الأول ووزيرها في العدل، تملك صلاحية القيام بجميع الإجراءات القانونية حيال هذا النوع من التعاطي مع المواطنين المغاربة في الخارج، ومن ثم فإن للدولة المغربية كامل الحق في الدفاع عن مواطنيها قضائيا في المحافل الدولية.
- ما هي في نظركم الإجراءات الممكن اتخاذها لحماية المغربيات المغتربات من الانحراف في الخارج؟
+ بالنسبة للإجراءات الممكن اتخاذها لحماية المغربيات المغتربات في الخارج، من الصعب جدا تحديد نوعية هذه الإجراءات، إذ لا يحق للدولة المغربية وتحت أي طائل كان، توفير الحماية الشخصية لمواطنيها المقيمين بدول أخرى سواء كانوا ذكورا أو إناثا، لأنه مفروض على كل الدول دون استثناء، توفير الحماية لكل المتواجدين فوق وحدتها الترابية، كما أن الدول جميعا وعلى امتداد المعمور، تتوفر على ترسانات قانونية تجرم أشياء وتحلل أخرى، وفي ظل سيادة هذه القوانين يصعب على الدولة المغربية التدخل للحماية الشخصية لمواطنيها داخل هذه البلدان، لذلك فإن القناة الوحيدة التي تملكها الدولة المغربية لحماية ومراقبة وأيضا لتحصين مواطنيها، هي أن تتأكد من سلامة سريرتهم قبل مغادرة ترابها الوطني.
وارتباطا بملف الترحيل الذي شمل 500 مغربية من دولة البحرين، يبقى لزاما على الدولة المغربية، أن تشدد مراقبتها على عقود العمل الواردة من الخارج، خاصة المرتبطة ببعض الدول العربية، التي تنشط بها شبكات الدعارة المنظمة، والتي تستغل جميع المنافذ والثغرات القانونية للتحايل على القانون المغربي، والمتاجرة بالمغربيات وتحويلهن إلى ممتهنات للدعارة في البلاد العربية.
ويبقى أيضا على وزارة التشغيل المغربية بوصفها طرفا رئيسيا في الموضوع، أن تدقق في عقود العمل المرتبطة بالمجالات السياحية في البلدان العربية وتتأكد من سلامتها، حفاظا من جهة على سمعة المغرب، ومن جهة أخرى لحماية المغربيات اللائي تدفعهن ظروفهن الخاصة إلى ركوب المخاطر والمجازفة بحياتهن.