القتل بدماء باردة وقلوب ميتة ..!!

بسمـ الله الرحمن الرحيمـ

القتل وما أدراك ما القتل والثأر والثارات وحمية الجاهلية الأولى
وسفك الدماء بغير حق و تيتيم الصغار وترميل النساء ونواح الثكلى على فلذات الأكباد
ولطم الخدود على من يذهب ولا يعود ... وحرق قلوب الأمهات وقهر الرجال والآهات

كل هذا وذاك والدماء تكاد تكون دموعا والدموع أصبحت دماء ..!
إنه وجع شبوة الجريحة وخنجر الموت المغروس في ضلوع أمسها
ويومها وحاضرها وربما يتواصل لمستقبلها ..!
فهل من من عين ترى أو أذن تسمع أو يد تردع .. أو ضمير يتحرك ويصد
أو مجيب يجيب الداعي أو ولي يرعى الله في ولايته ..!!

قال تعالى : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما }

من أسوء الأشياء التي يفعلها الانسان أن ينصب نفسه حاكما وقاضيا وجلاد وخصما بوقت واحد
وان يحكم ويقرر على بشر آخر بانهاء حياته وقفل باب التوبة عليه ..! فمن تكون وبأي شرعية تحكم
إيها المعتوه .. اليس لك رب شرع وحكم ؟ وانزل كتابه ووضح واعلم .. أهو تحدي تخوضه
أم كبرياء ملكته فتصول به وتجول .. فمن تتحدى وعلى من تتكبر يا مذموم ..! وأنت من ماءً مهين قد أتيت
وإلى جهنم ستذهب لو تكبرت واعتليت ..! فقبلك الجبابرة خضعوا والعتاه ذلوا .. والمتبجحين خسفت
بهم الأرض وغرقوا ..! فبالله عليك أنظر لنفسك حين تريق دم اخيك أي منقلب ستنقلب
وأي هاوية ستهوي . . وأي كارثة حلت عليك وأنت لا تدري ... شيطانك اعماك وشرك أغشاك
ونفسك أمرتك بالسوء فظلت وهوت معك في قعر جهنم تتقلب والزبانية لك يحرسون وأمر ربهم ينفذون
فويل لك مما صنعت .. فنح لو كان النواح ينفع وأبك لو كان البكاء يشفع وباليمن والشمال الخد فصفع
لعل رشدك يعود .. فتتوب قبل شاهد ومشهود ..!

قتل النفس التي حرم الله
ليست لهوا لكل لاهي وليست عبثاً لكل عابث وليست لعبة لكل متحاذق
مدعي الشجاعة وهو منها بعيد ومدعي الرجولة وهو لا يعرفها اكيد
قد فتنته الدنيا وحالت بينه وبين الحق وغشته البسطه في الزند والقوة بالعضل فقتل النفس بغير الحق هي من السبع الموبقات
التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اجتنبوا السبع الموبقات فذكر قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق )

قال تعالى { من اجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا }
نعم من قتل نفس فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكانما أحيا الناس جميعا
هذه سنة الله في خلقة وهذا ميزان عدلة في أحفاد " قابيل " من محبي القتل والذبح وسفك الدماء
قال صلى الله عليه وسلم (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم بغير حق ) فنظر يا مختال
يا متعجرف يا متحاذق يا متشاجع .. كيف وضع الله الدنيا بكل ما اوتيت بكفه ونفس اخيك بالكفة الاخرى وأنت بكل تحدي
وبكل جدال وبكل عناد وبكل تفاهتك وبكل ضعفك وبكل تقزمك تقف أمام قانون السماء
وتلغية من قاموسك وتلغية من حساباتك وتلغية من تفكيرك وتلغية من إهتماماتك ..!
وتقوم بإزهاق روح بريئة شهدت إنه " لا اله الا الله وإن محمد رسول الله " لا لذنب إقترفته ولا لجريمة أحدثتها
ولا لعرض هتكته ولا لمال نهبته ..! ولكن تبجح وتعالي وتكبر في نفسك الوضيعة وفي شيطانك اللعين ..!
يالك من عنيد في تجبر الباعوض ..! ويا لك من ضخم متضخم بالفراغ ..!

لقد الغيت كل شي ما عداك أنت وشيطانك صاحبك في الشر وخليلك في الأثم
ورفيقك في المعصية وقرينك في الأصفاد وجليسك في النار

هناك ثوابت لا حياد منها ولا مماطله فيها ولا مجامله حولها

ولا جدال .. ولا نقاش .. ولا تحويل.. ولا تضليل .. ولا تبديل
ثابته ثبوت السماء بلا اعمدة
من يخل بها يخل الله برجله فتهوي به في الجحيم .. وبئس المصير
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر ( لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من ترويع امرئ مسلم)..

ترويع فقط .. فهل سمعت ..!! .. ترويع فقط ..
فما بالكم بقتله .. فهل لك إذنين تسمع بهما أو عقل تعقل به ..أو قلب ترحم به ..!

حاسبو أنفسكم أيها الناس قبل أن تحاسبوا
وراجعوا دفاتركم قبل أن توزع الكتب بالشمال واليمين
فهل يحب أحدكم أن يجد في صحيفته " قتل نفس بغير حق "
ما أعظمها عند الله وما أهونها عندكم ..!!

وهنا لا بد أن يتم ذكر أن من يقاتل ويقتل نفس دفاع عن " عرض " أو " نفسه " ولم يكن حريصا على القتل نفسه
ولكن ظروف الدفاع عن النفس والعرض قد ادت إلى القتل فهذا لا يدخل في " قتل النفس التي حرم الله الأ بالحق "
قال رسول الله لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما وقال صلى الله عليه وآله وسلم أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء


والله سبحانه مطلع على النوايا والقلوب ..!
فهنا الانتباه فالإنسان يتعامل في هذه المسألة مع عالم الغيب والشهادة
يعلم ما أنفسكم ولا تعلمون ما في نفسه ..!!

قبل أن اختم الموضوع أحب أورد الآية الكريمة التي شددت على
القصاص في قتل النفس
قال تعالى { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ } [المائدة (45)]

وقال تعالى : { ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) (179) [البقرة]


القانون صارم والوعيد حازم و المصير جازم
وانت إيها القاتل بغير حق إيها الثأير بغير منطق
ولا قواعد ثابته ولا أرجل واثقه
تهتز بك أقدامك وترتعد منك الركب حين تصتدم بجدار الدين والشريعة
وحين تنظر وتتلفت من حولك تريد منفذ للخروج أو زر للرجوع للوراء
لعل شيئا لم يكن ..!
فإذا بك تصتدم بـــ " من يمهل ولا يهمل " لا إعادة تشغيل
ولا وضع سابق سيعود ولكن مواجهت الموجود
ومحاولة تخليص ما يمكن تخليصه .. فأما عقاب الدنيا فهو أحد أثنين
أما " قصاص " حسب شرع الله .. وأما " فمن عفا وصفح " فأجره على رب السماء والأرض
فمن وجد .. يد رحيمه تغفر زلته وتتقاضى عن جريمته وتسامح فقد فتح له باب جديد يستغله في التوبة ..! لعل الله يتوب عليه


وبأخر الكلام لا انسى أن اذكركم بقصة الذي قتل " 99 " نفس ثم أتمها المية
ولكنه اخلص النيه للتوبة فكأن جزاءه أن تقبله الله وقبل منه التوبة وحملته ملائكة الرحمة
بعد أن تنازعته مع ملائكة العذاب ..! هذه القصة هي عبرة وباب أمل لم أراد التوبة فابواب التوبة مفتوحه
ويد الله ممدوده لكل مقبل بالخير ولكل مقبل بالتوبة والندم ولكل خاشع وخاضع ذليل
يرجو رحمة ربه ويخشى عذابه ..!


نهاية الحديث

أن الله تواب غفور رحيم و إنه منتقم شديد العقاب


" كل التحية "